الاثنين، 27 مايو 2013

إهانة الشيعة لأهل البيت رضي الله عنهم وأرضاهم -وبالأدلة من كتبهم- (الجزء الثاني)




إهانتهم لفاطمة بنت النبي رضي الله عنها وأرضاها
وأهانوا ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم الحسن والحسين، زوجة علي، فاطمة الزهراء رضي الله عنهم أجمعين، ونسبوا إليها أشياء لم يتصور صدورها من أية امرأة مؤمنة مسلمة، دون أن تصدر من بضعة الرسول وسيدة نساء أهل الجنة، ومنها أنهم قالوا إنها كانت دائمة الغضب على ابن عم الرسول - صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنه، وكانت تعترض عليه وتشكوه إلى أبيه في أشياء كثيرة، صغيرة وتافهة، وحتى على أمور الخير كما يروي محدثهم ابن الفتال النيسابوري1 أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غرس لعليّ حديقة، فباعها علي، وقسم كل ما أخذ منها إلى فقراء المدينة ومساكينها حتى لم يبق درهم واحد.
فلما أتى المنزل قالت له فاطمة عليها السلام: يا ابن عم! بعت الحائط الذى غرسه والدي؟
قال: نعم! بخير منه عاجلاً أو آجلاً، قالت: فأين الثمن؟
قال: دفعته إلى أعين استحييت أن أذلها بذل المسألة، قالت فاطمة: أنا جائعة، وابناي جائعان، ولا شك أنك مثلنا في الجوع، لم يكن منه لنا درهم، وأخذت بطرف ثوب علي (ع) فقال علي: يا فاطمة! خلني، فقالت: لا والله! أو يحكم بيني وبينك أبي، فهبط جبريل على رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) فقال: يا محمد! الله يقرؤك السلام ويقول: اقرأ علياً مني السلام، وقل لفاطمة: ليس لك أن تضربي على عليّ يديه"2
وكذلك ما نسبوا إليها أنها تقدمت إلى أبي بكر وعمر بقضية فدك، "وتشاجرت معهم، وتكلمت في وسط الناس، وصاحت، وجمع لها الناس"3
ومرة "أخذت بتلابيب عمر، فجذبته إليها"4
وأيضاً هددت أبا بكر "لئن لم تكف عن عليّ لأنشرن شعري ولأشقن جيبي"5
وأنها دخلت مع الخلفاء في المعارك حتى وأحرق بيتها وضربت ووجع به جنبها، وكسر ضلعها، وألقت جنينها من بطنها - عياذاً بالله من هذه الخرافات - وماتت في مثل هذه الظروف ونتيجة هذه الصدمات" 6
هذا ومثل هذا كثير.
إهانتهم للحسن بن علي رضي الله عنه وعن وأبيه
وأما الحسن رضي الله عنه فلم يهن أحد مثل ما أهين هو من قبل الشيعة، فإنهم بعد وفاة أبيه علي رضي الله عنه جعلوه خليفته وإماماً لهم، ولكنهم لم يلبثوا إلا يسيراً حتى خذلوه مثل ما خذلوا أباه، وخانوه أكثر مما خانوا علياً رضي الله عنه.
يقول المؤرخ الشيعي اليعقوبي: وأقام الحسن بعد أبيه شهرين، وقيل: أربعة أشهر، ووجه بعبيد الله بن عباس في اثنى عشر ألفاً لقتال معاوية ... فأرسل معاوية إلى عبيد الله بن عباس فجعل له ألف ألف درهم، فسار إليه في ثمانية آلاف من أصحابه ... ووجه معاوية إلى الحسن، المغيرة بن شعبة وعبد الله بن شعبة وعبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن أم الحكم، وأتوه وهو بالمدائن نازل في مضاربه، ثم خرجوا من عنده وهو يقولون ويسمعون الناس: إن الله قد حقن بابن رسول الله الدماء، وسكن به الفتنة، وأجاب إلى الصلح، فاضطرب العسكر ولم يشك الناس في صدقهم، فوثبوا بالحسن، فانتهبوا مضاربه وما فيها، فركب الحسين فرساً له ومضى في مظلم ساباط، وقد كمن الجراح بن سنان الأسدي، فجرحه بمعول في فخذه، وقبض على لحية الجراح ثم لواها فدق عنقه.
وحمل الحسن إلى المدائن وقد نزف نزفاً شديداً، واشتدت به العلة، فافترق عنه الناس، وقدم معاوية العراق، فغلب على الأمر، والحسن عليل شديد العلة، فلما رأى الحسن أن لا قوة به، وأن أصحابه قد افترقوا عنه فلم يقوموا له، صالح7 معاوية8.
وقد قال المسعودي الشيعي في كتابه أن الحسن رضي الله عنه لما خطب بعد اتفاقه مع معاوية رضي الله عنه قال:
يا أهل الكوفة! لو لم تذهل نفسي عنكم إلا لثلاث خصال لذهلت: مقتلكم لأبي، وسلبكم ثقلي، وطعنكم في بطني، وإنى قد بايعت معاوية فاسمعوا وأطيعوا.
وقد كان أهل الكوفة انتهبوا سرادق الحسن ورحله وطعنوا بالخنجر في جوفه، فلما تيقن ما نزل به انقاد إلى الصلح"9
وأهانوه إلى أن: شدوا على فسطاطه وانتهبوه حتى أخذوا مصلاه من تحته، ثم شد عليه عبد الرحمن بن عبد الله الجعال الأزدي، فنزع مطرفة عن عاتقه، فبقى جالساً متقلداً السيف بغير رداء"10
"وطعنه رجل من بني أسد الجراح بن سنان في فخذه، فشقه حتى بلغ العظم ... . وحمل الحسن على سرير إلى المدائن ... اشتغل بمعالجة جرحه، وكتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية بالطاعة سراً، واستحثوه على سرعة المسير نحوهم، وضمنوا له تسليم الحسن إليه عند دنوهم من عسكره أو الفتك به، وبلغ الحسين عليه السلام ذلك ... فازدادت بصيرة الحسن عليه السلام بخذلانهم له، وفساد نيات المحكمة فيه وما أظهروه له من سبه وتكفيره، واستحلال دمه، ونهب أمواله"11
هذا وكانوا يهينونه بلسانهم كما كانوا يؤذونه بأيديهم، ولقد ذكر الكشي عن أبي جعفر أنه قال:
جاء رجل من أصحاب الحسن عليه السلام يقال له سفيان بن أبي ليلى وهو على راحلة له، فدخل على الحسن عليه السلام وهو مختب في فناء داره، فقال له: السلام عليك يا مذل المؤمنين!12 قال وما علمك بذلك؟
قال: عمدت إلى أمر الأمة فخلعته من عنقك وقلدته هذه الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله"13
ثم بين الحسن وأوضح ما فعلت به شيعته وشيعة أبيه وما قدمت إليه من الإساءات والإهانات، وأظهر القول وجهر به فقال:
أرى والله معاوية خير إلي من هؤلاء يزعمون أنهم لي شيعة، ابتغوا قتلي، وأخذوا مالي. والله! لأن آخذ من معاوية عهداً أحقن به دمي وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي وأهلي، والله: لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوا بي إليه سلماً. والله لئن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير، ويمن عليّ فيكون سنة على بني هاشم آخر الدهر ولمعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحى منا والميت"14
وأهانوه حيث قطعوا الإمامة من عقبه وأولاده، بل افتوا بكفر كل من يدعي الإمامة من ولده بعده.

إهانتهم للحسين بن علي رضي الله عنه
وأما الحسين فلم يكن أسعد من أخيه وأمه وأبيه حظاً مع إظهار مغالاة القوم ومبالغتهم في حبه وولائه، فأهانوه رضي الله عنه وأرضاه قولاً وفعلاً، فقالوا: إن أمه فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كرهت حمله، وردت بشارة ولادته عدة مرات كما لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يقبل بشارة ولادته، ووضعته فاطمة كرها، ولكراهة أمه لم يرضع الحسين من فاطمة رضي الله عنهما. وهذه الروايات من أهم كتب الحديث عند القوم وأصحها مثل البخاري عند السنة، فيروي الكليني عن جعفر أنه قال: جاء جبريل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: إن فاطمة عليها السلام ستلد غلاماً تقتله أمتك من بعدك، فلما حملت فاطمة بالحسين عليه السلام كرهت حمله، وحين وضعته كرهت وضعه، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: لم تر في الدنيا أم تلد غلاماً تكره، ولكنها كرهته لما علمت أنه سيقتل، قال: وفيه نزلت هذه الآية: {ووصينا الإنسان بوالديه حسناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً} "15
وإهانتة! وأية إهانة؟ وإساءة! وأية إساءة؟ وكذب! وما أكبره؟
"ولم يرضع الحسين من فاطمة عليها السلام، ولا من أنثى كان يؤتى بها النبي، فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاث"16
هذا وعاملوه معاملتهم أخيه وأبيه من قبل، فلقد ذكر جميع مؤرخي الشيعة أن أهل الكوفة، التي كان مركزاً للشيعة، والتي قالوا فيها ما قالوا، وإن جعفراً ذكرها بقوله: إن ولايتنا عرضت على السموات والأرض والجبال والأمصار، ما قبلها قبول أهل الكوفة"17
والتي قالوا فيها: إن الله قد اختار من البلدان أربعة فقال: والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين، فالتين المدينة والزيتون بيت المقدس وطور سيناء الكوفة وهذا البلد الأمين مكة"18
كتبوا من هذه الكوفة كتباً إلى الحسين نحواً من مائة وخمسين كتاباً، كتبوا فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم! للحسين بن عليّ أمير المؤمنين من شيعته وشيعة أبيه عليّ أمير المؤمنين. سلام الله عليك، أما بعد! فإن الناس منتظروك، ولا رأي لهم غيرك فالعجل! العجل! يا ابن رسول الله! والسلام عليكم ورحمة الله" 19.
وكتاباً آخر: أما بعد! فقد اخضرت الجنات، وأينعت الثمار، فإذا شئت فأقبل على جند لك مجندة، والسلام"20
ولما تتابعت إليه كتب الشيعة، وتوالى الرسل أرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل، فانثل عليه أهل الكوفة "واجتمعوا حوله، فبايعوه وهم يبكون، وتجاوز عددهم من ثمانية عشر ألف"21
وبعد أيام كتب إليه مسلم بن عقيل: "إن لك مائة ألف سيف ولا تتأخر"22
فكتب رداً عليه وعليهم:
"قد شخصت من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية، فإذا قدم عليكم رسولي فانكمشوا في أمركم وجدوا فإنى قادم إليكم"23
ولكن انقلبت الأمور وتقلبت الشيعة كشأنهم ودأبهم سابقاً، وقتل مسلم بن عقيل بدون ناصر ومعين، ولما بلغ الحسين نعيه وواجهه عسكر بن زياد من الكوفة و"خرج إليهم في إزار ورداء ونعلين، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس! إني لم آتكم حتى أتتنا كتبكم أن أقدم علينا، فإنه ليس لنا إمام، لعل الله يجمعنا بك على الهدى والحق، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم، فأعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم ومواثيقكم، وإن لم تفعلوا، وكنتم لقدومي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذى جئت منه إليكم"24
ثم خذلوه، وأعرضوا عنه، وأسلموه للعدو حتى قتل في نفر من أهل بيته ورفاقه، كما يذكر محسن الأمين:
"ثم بايع الحسين من أهل العراق عشرون ألفاً غدروا به وخرجوا عليه. وبيعته في أعناقهم، وقتلوه"25
ويكتب اليعقوبي الشيعي أن أهل الكوفة لما قتلوه:"انتهبوا مضاربه وابتزوا حرمه، وحملوهن إلى الكوفة، فلما دخلن إليها خرجت نساء الكوفة يصرخن ويبكين، فقال علي بن الحسين: هؤلاء يبكين علينا، فمن قتلنا"؟26
فهؤلاء هم الشيعة وأولئك أهل البيت وهذه معاملاتهم وأحوالهم مع أهل البيت الذين يدعون أنهم محبون وموالون لهم.

__________________
1هو محمد بن الحسن الفتال الفارسي النيسابوري "متكلم جليل القدر، فقيه، عالم، زاهد، ورع، قتله أبو المحاسن عبد الرزاق رئيس نيسابور" (رجال الحلي ص259 ط إيران).
"وكان من شيوخ الشيعة في المائة الخامسة"، وله كتاب" روضة الواعظين" (تأسيس الشيعة ص395).
و"إنه شيخ جليل من شيوخ الشيعة وأعلام الطائفة، وكان مدرساً، متكلماً، فقيهاً، عالماً، مقرئاً، مفسراً، متديناً، زاهداً من العلماء الأمناء المعتمدين" (نقلاً عن مقدمة الكتاب ص11 لمحمد مهدي الخراساني ط قم إيران)
2"روضة الواعظين" ج1 ص125
3"كتاب سليم بن قيس" ص253
4"الكافي في الأصول
5"تفسير العياشي" ج2 ص67، ومثله في "الروضة من الكافي" ج8 ص238
6"كتاب سليم بن قيس" ص84، 85
7صلح الحسن مع معاوية
ولقد يخجل القوم حينما يسمعون هذه الكلمة أعني صلح الحسن مع معاوية رضي الله عنهما ومبايعته إياه، ويتقولون بأشياء، ويتأولون بتأويلات يمجها العقل ويزدريها الفكر، وحصيلة ما يقولون إنه صالحه ولكنه لم يبايعه، ولم يسلم إمرته وخلافته. فنحن احترازاً من الإطالة نورد ههنا رواية واحدة من كتب القوم، ونظن أنها تكون كافية لمن أراد التبصر، ولقد أورد هذه الرواية كبيرهم في الرجال عن أبي عبد الله جعفر أنه قال:
إن معاوية كتب إلى الحسن بن علي صلوات الله عليهما أن اقدم أنت والحسين وأصحاب علي، فخرج معهم قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري وقدموا الشام، فأذن لهم معاوية وأعد لهم الخطباء فقال: يا حسن! قم فبايع، فقام فبايع، ثم قال للحسين! قم فبايع، ثم قال: يا قيس! قم فبايع فالتف إلى الحسين عليه السلام (بدل الحسن لما كان يعرف من شدته وإنكاره على أخيه في مسألة الصلح) ينظر ما بأمره، فقال: يا قيس! إنه إمامي يعني الحسين عليه السلام - وفي رواية: فقام إليه الحسن، فقال له بايع يا قيس! فبايع -" ("رجال الكشي" ص102)
8"تاريخ اليعقوبي" ج2 ص215
9"مروج الذهب" ج2 ص431
10"الإرشاد" للمفيد ص190
11"كشف الغمة" ص540، 541، واللفظ له، "الإرشاد" ص190، "الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة" ص162 ط طهران
12يقول حسين الموسوي-وهو أحد علماء النجف-: هل كان الحسن مذلاً للمؤمنين؟ أم أنه كان معزاً لهم لأنه حقن دماءهم ووحد صفوفهم بتصرفه الحكيم ونظره الثاقب؟
13"رجال الكشي" ص103
14"الاحتجاج" للطبرسي ص148
15"الأصول من الكافي" كتاب الحجة ج1 ص464، باب مولد الحسين
16"الأصول من الكافي" ص465
17"بصائر الدرجات للصفار" الجزء الثاني الباب العاشر
18"مقدمة البرهان" ص223
19"كشف الغمة" ج2 ص32، واللفظ له، "الإرشاد" ص203، "الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة" ص182
20"الإرشاد" للمفيد ص203، أيضاً "إعلام الورى" للطبرسي ص223 واللفظ له
21"الإرشاد" للمفيد ص205
22"الإرشاد" للمفيد ص220
23"الإرشاد" للمفيد ص220
24"الإرشاد" ص224
25"أعيان الشيعة" القسم الأول ص34
26"تاريخ اليعقوبي" ج1 ص235



من كتاب"الشيعة وأهل البيت" لإحسان إلهي ظهير رحمه الله-بتصرف-